١٦ رمضان ١٤٤٦ هـ

المشاكل السلوكيّة

هل يمكننا تفادي العنف عند الأطفال؟

تهذيب السلوك هو عملية تعديل وتوجيه السلوك بطريقة منسجمة ومتلائمة مع ما هو معروف في الأسرة والمجتمع.

لكن عند الحديث عن تعليم الاطفال بعض السلوكيات وأخص بحديثي هنا (عدم استخدام العنف )، تتداخل مجموعة من العوامل الاجتماعية والبيولوجية التي تؤثر على مدى اكتساب الأطفال لهذه السلوكيات. 

خلال السنتين الأولى، يتعلم الأطفال بشكل كبير عن طريق الملاحظة. يبدأ الأطفال في مراقبة سلوكيات الوالدين والأشخاص المحيطين بهم، ومن خلال إدراكهم للمشاعر المرتبطة يُدركوا أبعاد هذا السلوك. لكن السؤال ماذا لو كان هذا أسلوب تربوي لدى الوالدين ماذا سوف يتعلم الأطفال؟ لذلك يتطلب الأمر اولاً محاولة تهذيب سلوكياتنا نحن البالغين، ثم التحلي بالصبر لتنمية السلوك الاجتماعي المقبول لدى الأطفال.

ومن الناحية البيولوجية، لا ننسى الحديث عن الدماغ ودوره في تشكيل شخصية الأطفال وسلوكياتهم. النمو المعرفي والقدرات المعرفية مرتبطة بقدرتهم على ضبط الانفعالات والسلوكيات. خلال السنتين التالية (اثنين ـ أربع سنين)، يبدأ الأطفال في إظهار استجابات قد تكون أكثر اتزاناً مما سبق. فمن خلال نمو الدماغ ووظائفه تصبح لديهم القدرة على التميز بين الصواب والخطأ والسلوكيات المقبولة من غير المقبولة، ويتسع الإدراك ليشمل معرفة النتائج المترتبة لبعض السلوكيات فمثلا في حالة التسبب في أذية شخص فمن المؤكد أن هناك عقاب لذلك.

من السن السابعة إلى الثانية عشر، يظهر الأطفال فهم أعمق لهذه السلوكيات، فهم الان يدركوا أن هذه السلوكيات لا تقتصر فقط على الأسرة، بل هي جزء من القواعد الاجتماعية الأوسع التي تحكم المجتمع. على سبيل المثال، الضرب أو التنمر غير مسموح في المدرسة.

لكن هل هذا يعني أن نتوقع تعلم أطفالنا عدم استخدام العنف بحول السنة الثانية عشر؟

المنطقة الجبهية (القشرة الجبهية) هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات والتفكير المنطقي والتحكم في الانفعالات. ووفقاً لما تناولته الدراسات السابقة أن هذه المنطقة من الدماغ لا تكتمل الا في سن متأخر. مما يعني أنه يجب علينا أن نتوقع أن أطفالنا سوف يفقدوا أعصابهم وقدرتهم على التحكم عند مواجهة التوتر. استخدام العنف قد يعتبر وسيلة طبيعية عند الأطفال لتعبير عن مشاعرهم لكن من المهم أن نكون أكثر واعي فقد يكون العنف أحد مؤشرات تدهور الصحة النفسية لديهم.

الوعي بالعوامل الاجتماعية والبيولوجية وتداخلها وتأثيراتها على السلوك العدواني يساعد في توجيه سلوك الأطفال بطريقة صحيحة ويجنب من تفاقم وظهور مشكلات. مع المراقبة الدقيقة نستطيع تقديم الدعم والتدخل المبكر. في حالات كان الطفل يظهر ردود فعل عنيفة غير متناسبة مع المواقف، مثل الضرب بسبب أن طفل أخر أظهر عدم رغبته بالمشاركة أو اللعب معه، أو إذا أدى العنيف إلى العزلة الاجتماعية حيث يبتعد الأطفال عنه أو يرفضوا التواصل معه رغبة في عدم التعرض لأذى. أو إذا تلت هذه السلوكيات حادثة أو تجارب مؤلمة، مثل فقدان شخص عزيز أو حتى تغيير في الحياة مثل الانتقال إلى مدرسة جديدة. لا تتردد في طلب المساعدة من أجل طفلك.