١٠ شوال ١٤٤٦ هـ

استراتيجيْات النمو

هل مراهقين لهم نصيب من الحب وقصص الحب ؟

الحب من التجارب الجميلة في الحياة, ومن المشاعر والاحتياجات العميقة. الحب يظهر في أشكال مختلفة حب الوالدين، حب الاصدقاء، حب الوطن، حب العمل… وقد تغنى كثير من الشعراء في الحب رغم اختلاف أزمانهم وتجاربهم ما بين الشوق والغيرة والندم والألم.

لكن ماذا عن المراهقين، هل لهم نصيب من هذا الحب؟

بين فيضان الهرمونات والتغيرات الجسدية والاحتياجات النفسية، قد يعيش ابنك أو ابنتك المراهقة قصة حب. نعم قصة حب أشبه برحلة إلى عالم الملاهي، مبهجة ومليء بالنشوة والمشاعر المتدفقة المصحوبة بسلوكيات مفعمة بالمخاطر. في هذه الرحلة، يظهر الشغف والرغبة بالجنس الأخر والتي يتم تغليفها بإسم الحب والشعور بالحب.

وعلى الرغم من أن موضوع الحب والتعلق بشخص من المواضيع المحظورة لدى بعض الا أن له وظائف صحية لدى المراهقين. فالحب ليس تجربة أو مشاعر تُمنع. فالشعور بالحب يساعد على زيادة مستوى افراز الدوامين والأوكسيتوسين الذي يُساهم على تحسين المزاج والشعور بالراحة والذي يمتد تأثيرهما على الصحة العامة وحياة المراهق بشكل عام.

كيف يتصرف ابنك أو ابنتك المراهقة عند الوقوع في الحب؟

على الرغم من اختلاف الشخصيات والتجارب الا أن غالبا ما تتشابه سلوكيات المراهقين في تجربة الحب، لاحظ العلامات التالية فقد تكون مؤشر على وجود أو بداية قصة حب:

-      الانشغال الذهني بأحلام اليقظة.

-      الحديث عن الشخص أو ذكر أسمه أو الرغبة في معرفة أخبار وتفاصيل عنه.

-      تغيرات في الشهية والنوم والمزاج.

-      تغير الاهتمامات وخصوصاً الاهتمام بمظهرهم.

-      الرغبة في الانعزال.

-      تقلبات مزاجية حادة.

 يمر ابنك أو ابنتك في تجربة الحب بست مراحل:

مرحلة الإعجاب

 هذه هي الشرارة الأولى والشعلة التي تقود إلى الحب. قد يعبر ابنك أو ابنتك للطرف الأخر عن الاعجاب وقد يحتفظ به دون المشاركة أو يعبر لك عن إعجابه أو قد يحتفظ بذلك لنفسه أو قد يشاركه مع صديق مقرب. في هذه المرحلة قد تلاحظ بداية التغيرات في سلوك ابنك أو ابنتك خصوصا الانشغال الذهني أو كترة الحديث عن الشخص الأخر.

 مرحلة ما قبل التواصل

 هنا يبدأ التفكير بالتواصل لتعبير عن الإعجاب سواء بشكل مباشر أو بطرق أخرى غير مباشرة. تتميز هذه المرحلة بالشعور بالقلق والخوف من الرفض، لذلك على الأرجح سيكون الخطوة الأولى التعبير بشكل مباشر. في هذه الفترة، سيكون ابنك (وتكون واضحة عند ابنتك أكثر) منشغل بالتواصل مع صدق مقرب، وعلى الغالب محور الحديث هو فك شفرات سلوكيات أو كلام الطرف الآخر مثلا ما المقصود بالرسالة التي نشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، هل المقصود أنا، هل يبادلني المشاعر؟

 مرحلة اعلان الحب

هنا تبدأ العلاقة فعلياً بين الطرفين وتكون المشاعر أكثر وضوحاً واثاره. قد يكون هناك تواصل دائم بين الطرفين ويمكن أن يظهر بأشكال مختلفة.

 مرحلة الارتياح والانفتاح

تتميز هذه المرحلة بالشعور بالثقة والرحة والأمان، وهذا لا ينفي انه قد تظهر بعد الازمات أو المشاكل في العلاقة التي سوف يتغلب عليها الطرفين. تتطلب هذه المرحلة منك الكثير من المراقبة والصبر والحكمة فهي من أكثر المراحل خطوره، فقد تبدأ الغريزة الجنسية بالظهور على السطح. دماغ المراهقين ما يزال في طور النمو لذلك من الصعب جدا النظر إلى الأمور بكل هدوء وحكمة وخصوصا عندما تشتد حدة الغريزة الجنسية لديهم.

 مرحلة عدم الاستقرار

في هذه المرحلة قد يشعر ابنك أو ابنتك بالانزعاج أو الضيق من هذا الحب، أو قد يظهر انجذاب وإعجاب إلى شخص أخر، أو قد يكون هناك شعور بعدم وجود الحب والاهتمام من الحبيب بنفس القدر السابق، أو قد تختلف الاهتمامات بين الطرفين. كل ذلك وغيره يؤثر على الشعور بالحب والرغبة في الاستمرار. ومع اقتراب نهاية الحب، قد تلاحظ تغيرات على ابنك أو ابنتك تثير لديك الخوف والقلق.

 مرحلة الانفصال

هذه المرحلة قد تحدث بالتراضي من قبل الطرفين أو قد يخوضها ابنك أو ابنتك مكروهاً. مشاعر الألم والحزن هي السائدة مهما كانت رحلة الحب قصيرة. وقد يظهر ابنك أو ابنتك رغبة بالانسحاب لمداواة المشاعر والألم، أو يكون هناك بكاء مستمر أو شعور بالغضب أو رغبة بإيذاء النفس. لا تنسى تقديم الدعم والحب غير المشروط، واجعل باب التواصل مفتوح.

هل نحرم الحب عليهم؟

الحب شعور فطري وغريزة يبحث عنها الجميع. منع وتحريم الحب ليس هو الحل. يتطلب الأمر منا الاحتواء والتفهم وتقديم الدعم للمراهقين. هنا بعض النصائح لدعم ابنك أو ابنتك في رحلة الحب

تحدث معه: لا تجعل الكلام عن الحب والاعجاب من المواضيع الممنوعة والمحرمة، دعه يتحدث عن كل شيء. اثناء الحديث، أنصت جيدا وتجنب الحكم وتقديم النصائح وخصوصا إذا كنت دائما تقدم النصائح ولديك أسلوب تربوي صارم. ولا تنسى أن تتمالك في أعصابك ومشاعرك، لا تظهر غضبك أو قلقك.

 أشركه لا تمنعه: قدم اقتراحات وشجع على اتخاذ القرارات الصحيحة بدلًا من فرض قواعد صارمة تمنعهم من الحب فكل ممنوع مرغوب أكثر.  

 ثقف وشارك المعرفة: وضح مؤشرات الخطر في العلاقة وكيف يحمي ابنك أو ابنتك نفيها من هذا الخطر. وفي حالة كان هناك خطر، أشرح بوضوح وهدوء سبب اعتقادك أن هذه العلاقة غير صحية، ولماذا من الضروري إبعاده عنها. قد تكون هناك أفكار وتوقعات غير واقعية، لذلك وضح أن الحب في الحياة الواقعية ليس كما هو موجود في المسلسلات والأفلام.

 ثق وأمنح الخصوصية: المراقبة مهمة لكن ثق وامنح الخصوصية وفقاً للمرحلة العمرية وشخصية ابنك أو ابنتك. وضح ما هو مسموح وما هو غير مسموح والنتائج المترتبة في حالة الخروج عن تلك الحدود.

 كن متواجد: عندما تصل قصة الحب إلى نهاية المطاف، سيشعر ابنك أو ابنتك بالكثير من الألم. كن هناك لتخفيف هذا الألم وقدم الدعم، لا توبخ أو تقوم بالتأنيب، أستمع أكثر وتفهم هذه المشاعر، لا ترفضها أو تدفع ابنك أو ابنتك بالشعور بالتحسن.

ختاماً، الحب في مرحلة المراهقة ليس مجرد تجربة عاطفية عابرة، بل له دور بالغ الأهمية في تشكيل مراهقة صحية ومتوازنة. إذا كنت تواجه انت أو ابنك مشاكل في هذه الفترة لا تترد في طلب المساعدة.